السلط - قوات الانزاك ( الاسترالية والنيوزلندية ) تحتل السلط خلال الحرب العالمية الاولى - عام 1918 م
( موسوعة السلط لنوادر الصور والمخطوطات التاريخيه )
سنة الفلة ،الحقيقة المغيبة، بشهادة الأتراك وقوات التحالف 1918 #
كتب الكثير عن سنة الفلة ،وهو مصطلح قديم بقي يرافق حكايات الأجداد والمعاناة إبان ( احتلال السلط ) من قبل قوات التحالف عند البعض أو تحريرها من الأتراك عند البعض الآخر.
والحقيقه الموثقه المؤلمة والمغيبة من الكتب والروايات حول هذه الحادثه(الفله) ان مدينة السلط تعرضت لقصف جوي من قبل قوات التحالف لمدة 3 ايام متواصلة وعلى ارتفاعات مختلفه ، والسبب يعود على ان الأجواء الشتوية والفياضانات والطرق الوعره كانت تعيق دخول قوات الخياله الاستراليه والنيوزلنديه والهجانه وبطاريات المدفعية الانجليزيه على ظهور الجمال إلى المدينة، وأيضا ناهيك عن المقاومة الشرسه من القوات التركيه والتي كان يشرف عليها كبار الضباط الالمان مستخدمين المدافع الرشاشة والمدافع الجبلية.
ففي السلط يرقد الكثير من الضباط الاتراك وضباط الصف والجنود من الفرقة48 ومن كتائب المشاة143و145 و191 من فيلق الجيش الرابع الذين قتلوا أثناء القتال مع قوات التحالف في الحرب العالمية الأولى بين24-26 أذار عام1918في السلط .
وهذا يعزز بعض القراءات والاستطلاعات التي قمنا بها في كبرى الجامعات التي شاركت دولها بالحملة العسكرية الاولى والثانية على مدينة السلط ، ومنها بريطانيا واستراليا ونيوزلندا واسكتلندا وبعض الهجانة من الهنود الآسيويين، وأيضا قراءات واستطلاعات من الجانب الآخر أو الطرف الآخر وهي القوات التركية والألمانية المدافعة عن مدينة السلط في ذلك الوقت.
كيف كان للسلط أن تدفن !! والمتصفح للوثائق والكتب التاريخية العربية أو المعربة يفهم بأن مدينة السلط حررت من الاتراك بعد الحملة العسكرية الاولى الفاشلة لإخراجهم منها ، تبعتها بحملة ثانية ناجحة أكثر ضراوة مكنتهم من احتلال المدينة ، عن طريق قوة من فرسان خيالة وبعض المشاة وقوات الانزاك الجبلية وقد نفذوا عملية خاطفة وسريعة استطاعوا من خلالها احتلال السلط ! وتدعى بالانجليزية Es salt Raid
وكيف كان لقوة من الفرسان والقناصة والمشاة احتلال السلط وطبيعة تضاريسها الصعبة !! وفيها مئات من الجنود الاتراك المحصنين بالمدينة وماحولها بمدافع رشاشة وجبلية وأكثر علما بشوارعها وزقاقها بأن تخرجهم بسهوله تلك الجموع من قوات التحالف!!!
"يقول عصمت بيك وهو أحد ضباط الجيش التركي الرابع المرابط بالسلط بأنه كان الشتاء باردا ، وكانت الاخبار بالمدينة متضاربة بأن دفاعاتنا العثمانية القوية بدأت بالانهيار على مختلف الجبهات ، ولكن هنا بالسلط وعلى ارض الواقع لم نلتمس بوجود خلل أو توتر ظاهر على ضباطنا وافراد الجيش التركي ومنهم بعض الجنود المتطوعين العرب ، بل كانوا يتجمعون على اشكال حلقات بالقرب من خيامنا العسكرية يغنون الاناشيد الحماسية بمصاحبة آلة ( البرزق ) الممزوجة بعبارات عربية حماسية منها ( شهيد) ، ( الله اكبر ) وقد ارتفعت معنوياتنا و خصوصا بعد تمكننا من صد الهجوم الأول.
و حقيقة ماجرى ، بأن القوات المغيرة لدى هجومها الأول المفاجىء على السلط لم تستطع اخراجنا من المدينة سوى لفترة محدودة وعلى بعد عشرات الكيلومترات حول المدينة ، وقد جمعنا رباطة جأشنا مرة أخرى وهاجمنا بضراوة المدينة مما أدى الى انسحاب قوات التحالف من السلط وفلولها ،بين قتيل وجريح ، بحيث تم تعزيزدفاعاتنا في نمرين ووادي شعيب والسلط قبل تعرضنا للهجوم الثاني العنيف ،ولكن هذه المرة بشكل مختلف مصمم بشكل متزايد على تدمير قواتنا المقاومة بالوديان والتلال ودفعها الى التراجع والاستسلام.
ويضيف كانت توجد بيننا وبين أهل السلط علاقة قوية حميمة " فمنهم من استضافنا وأطعمنا ودفن موتانا خلال الهجومين على المدينة .
مرت الايام مسرعة وكنا لانزال نعيد تنظيم أنفسنا ، فجائتنا الأخبار بأن هناك تحركات أكثر ضراوة لضربنا من مختلف الجبهات والجهات ، ولم نكن نتوقع بأن الهجوم التالي سيكون من السماء ،وقد ملأها صوت محركات الطائرات وهي تقترب شيئا فشيئأ منا وتحوم حول المدينة .
فما كان منا سوى الاحتماء بأقرب نقطة ممكنة ، وكنت أرى الجنود ينطلقون مسرعين للاختباء بالبيوت والبساتين والكنائس وبدأ صوت الانفجارات العنيفة يملأ المكان وعلى دفعات متتالية والرعب قد ملأ قلوبنا وسكان المدينة ، من شدة ما سقط علينا من قنابل ، واستمر لساعات وساعات وساعات ، يرافقه هجوم بالمدفعية الرشاشة والجبلية من كل جانب حول المدينة .
لم تستطع بنادقنا حمايتنا ، وحتى مدافعنا لم نصل اليها ، لشدة القصف الذي لم أشهده بحروبي كلها ، جثث جنودنا بين قتيل وجريح وفلول لحقتها طلقات القناصة ، فما كان منا الا الاستسلام المخادع ورفع الرايات البيضاء وهي حيلة تعلمناها من حلفائنا الالمان ، لايهام العدو بالهزيمة وعند الاقتراب نطلق عليهم ماستطعنا من بنادقنا .
لم تسعفنا أية وسيلة للنصر ، فتمركزنا وسط المدينة وتم محاصرتنا ومن ثم الاستسلام النهائي وسط اطلاق كثيف من كل جانب ، سقطت المدينة بأيدي العدو ونحن هنا بين قتيل وجريح ولازال الدخان يتصاعد من المنازل المهدمة والدكاكين المحيطة ( انتهى )
أما الجانب الآخر ( التحالف) فكانت الرواية على لسان الضابط دانيال من قوات الانزاك الاستراليه بقوله :
السلط ، كنا نعلم عظمة وتاريخ هذه المدينة وهي من أكثر المناطق تحصينا لتضاريسها الصعبه ، وكنا نعلم عن مدى أهمية هذه المدينة عند الأتراك ، وقد بدأت طلائع استخبارتنا تحاول الوصول لأطراف المدينة وإعطائنا الإحداثيات لمداخل المدينة المتعدده والأعداد الاوليه للقوات التركية المرابطه هناك.
كنا نعلم أن الإجهاد سينتصر علينا عند عبور النهر بمدافعنا ورشاشاتنا الثقيلة،وخصوصا أننا أصبحنا على مشارف المدينة ،فكانت الفكرة مباغتة القوات التركية على دفعات من طلقات المدافع يتبعها هجوم بالمدافع الرشاشة، على أن تكون سريعه ومحكمه ، والوصول لقلب المدينة وتدمير خطوط الاتصال بين العدو ، للأسف عادت افواج من جيش المشاه وقوات الفرسان والهجانه بين قتيل وجريح لشدة المقاومة والحصون التى أعدتها لنا القوات التركيه ، فهم لن يفرطوا بالمدينة بتلك السهولة وخاصة بعد حصولهم على إمدادات عسكرية كبيره.
وصلت الأخبار للقيادة العسكرية عن صعوبة الموقف وكانت طائراتنا قد وصل بعضها الينا بعد انتهاء قصفها لعدة مناطق بالقرب من عمان ، وسمعنا أصوات محركاتها تملأ السماء وانطلقت لقصف القوات التركيه حول أطراف المدينة وداخلها .
هي اللحظة التي انتظرناها بعد انتهاء الغارات الجويه وكان الهجوم الأوسع ،دخلنا أطراف المدينة بحذر وسط بعض المقاومه وكانت أقل وطأة من سابقتها ورأينا سكان المدينة قد خرجوا منها مذعورين ينظرون حولهم ،نساء وأطفال وشيوخ قد ساعدناهم للخروج،واستمرت قوات الخيالة بالدخول للمدينة فرأينا بيوت تحترق واجراس الكنائس تقرع بشده ، والشوارع مرعبه والدكاكين مغلقة وأبواب بعضها قد تحطم.
وبدأنا بالبحث ومطاردة فلول الأتراك بين البيوت والبساتين والأسواق وانتهينا بأسر 600 جندي وعشرات الضباط الاتراك والألمان وجمعهم وسط المدينة وسط ذهول السكان وقد بدأو بالخروج على دفعات بحذر من الكنائس والبيوت التي كانوا يختبئون فيها .( انتهى)
تلك الشهادة ، اضافة جديدة لتاريخ السلط ومعاناتها خلال الحرب العالمية الأولى ،وأن السلط حررت من الأتراك ليس عن طريق قوة من فرسان خيالة وبعض المشاة وقوات الانزاك الجبلية من خلال عملية خاطفة ( كعمليات الكاوبوي ) بل قصف شديد جوي كاد ان ينسف معالم المدينة وتضاريسها .
انها حرب شتاء 1918وأن السلط كادت أن تدفن بين جبالها وتلالها !! وهي الاقرب للحقيقة وهي من أسباب سنة الفلة الرئيسة ومعاناة أهل السلط الأمرين من الأتراك تارة وقوات التحالف تارة أخرى خلال الهجوم الأول والثاني على السلط.
ولما ذكر بالشروحات أعلاه كانت * الفلة وخروج عدد لابأس به من السلطيين من المدينة عبر النهر وصولا لفلسطين والقدس تحديدا ،معاناه بين كماشتي الحرب الدائرة بين الاتراك والتحالف ،والسلط وأهلها كان مسرحا لتلك الأحداث المؤلمة.
المصدر : موسوعة السلط لنوادر الصور والمخطوطات التاريخيه
#موسوعة السلط