أول طيار عربي يقصف حيفا ، كانت رحلة الشهيد فراس العجلوني مسيرة صبر على 'الضيم' والوعي المبكر بالوحدة طيار مقاتل لفت أنظار العسكر بمهاراته المتعددة محمد خير الرواشدة عمان - لا يمكن المرور على سيرة الشهيد الطيار فراس العجلوني سريعا، فرحلة البطل الشهيد الممتدة من 'فورة الدم'، إلى ترجمة الغضب ببطولة، ستكون سيرة مليئة، بقصص الرجولة في العسكرية، والبسالة في الخدمة، من أجل الذود عن حمى الفكرة، والأرض معا. فالعجلوني وبعد اثنين واربعين عاما على استشهاده لم يكن بطلا عاديا في تاريخنا الحديث، وليس رقما سهلا في سلسلة أرقام شهداء الأردن والأمة العربية، فهو من سجل أول اختراق لأجواء العدو الإسرائيلي العام 1967، فالشجاعة والإقدام، قد تكونان علامة فارقة في سجله العسكري، وهو ما استحق عليه التكريم في حياته مرات عدة. وليس بالبعيد عن الشهيد فراس أن يكون عسكريا مميزا فهو واحد من أبناء المناضل محمد علي العجلوني أحد ابطال معركة معان اثناء الثورة العربية الكبرى وبطل من ابطال معركة ميسلون في سورية ضد الاستعمار الفرنسي. فالشهيد، الذي ولد العام 1936 في عنجرة بمحافظة عجلون، نشأ وترعرع في أسرة لها بالخدمة العسكرية والبطولات في مواجهة أعداء الأمة، ما يفيض عن حجم الكلمات والحروف في حصرها لصفات البطولة في المواجهة، والالتزام بما فيه خير الأمة ولو على حساب الأرواح.
الشهيد فراس التحق بالخدمة العسكرية في سلاح الجو الملكي العام 1954، وعبر دورات تدريبية في سورية وبريطانيا صار طيارا مقاتلا بعد ان حصل على جناح الطيران وعاد الى الوطن وصار قائدا لسرب طائرات الهوكر هنتر المقاتلة في قاعدة الحسين الجوية بالمفرق .
كانت أول معركة جوية له ضد العدو الإسرائيلي العام 1966 في معركة الخليل الجوية، حيث أسقط فراس وزملاؤه عدة طائرات من نوع ميراج الفرنسية، بالطائرات التي كان سلاح الجو الملكي الاردني يمتلكها من نوع (هوكو هنتر) التي لا تقارن بكفاءتها القتالية مع طائرات الميراج الاسرائيلية. بعد تلك المعركة الجوية قلد المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال الشهيد فراس وسام الاقدام العسكري، وهو أعلى وسام أعطي في ميادين القتال لفراس وزملائه، كما تم ترفيعهم للرتبة الأعلى. وفي معركة اشتبك فيها سلاح الجو الملكي مع العدو الاسرائيلي استشهد على إثرها البطل الملازم موفق السلطي، حيث كان من أعز أصدقاء فراس ومن أفضل تلاميذه، ولم يشارك الشهيد فراس في نفس المعركة، وأقسم على ضريح الشهيد السلطي أن ينتقم له. يروي شقيق فراس، اللواء يزن إلى 'الغد' أن فراس كان 'مسكونا بهاجس دحر المحتل، وكان مشغولا بخلق حالة من التنسيق العربي لردع المحتل، واجتثاث خباثته من الجسم العربي'. ويزيد أن فراس كان قبل استشهاده بيوم يصرخ من غياب التنسيق العربي المشترك، وقال 'إنه اراد ان يقوم بعمل لو فردي، ودون أن يأمره أحد به'. ويكمل يزن 'في صبيحة الخامس من حزيران (يونيو) 1967، خرج فراس وزملاؤه لضرب أهداف في العمق الإسرائيلي من بينها حيفا ومطار اللد، حيث كانت الطائرات الإسرائيلية منشغلة في ضرب مطارات سورية ومصر، وفي هذه الجولة دمر فراس وزملاؤه العديد من الطائرات الإسرائيلية وكثيراً من الأهداف العسكرية للعدو. وبسبب عدم قدرة الطائرات التابعة لسلاح الجو على التزود بالسلاح الكافي لإنجاز مهمتها في مرة واحدة، عادت الطائرات لقاعدة الملك الحسين الجوية للتزود بالذخيرة والوقود، حتى تستكمل مهمتها القتالية، ومع بدء تحليق طائرة فراس من على المدرج في بداية الاقلاع حيث كان القدر له بالمرصاد وأصابوه في طائرته وهو بداخلها. ويؤكد يزن أنه كان لفراس شرف تسجيل اول مقاتل طيار عربي يقوم بـ'مهاجمة الأهداف العسكرية في العمق الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المغتصبة، فكان رمزا واقداما لاول طيار مقاتل يضرب الاهداف العسكرية الاسرائيلية داخل الأراضي المحتلة'. ويضيف أن شقيقه فراس كان يهوى الطيران، وأبدع في اتقان جميع فنونه، وكان محط اعجاب كل من يرى قدراته الاستعراضية في القتال الجوي. ويحكي اللواء يزن عن قصة زيارة المشير عبدالحكيم عامر للأردن العام 1964 حيث قدم له فراس وأمام الملك الحسين عرضا جويا مميزاً، لم يصدق المشير عامر بأن هذا الطيار عربي لبراعته في الطيران حتى تحقق من ذلك بنفسه، وشاهد فراس وهو ينزل من طائرته، حيث قال له المشير عامر 'يا ريت كل طيارين العرب بمستواك القتالي البارع'. ولا يستغرب يزن شجاعة أخيه، ولا يرى فيما قدمه فراس غير الواجب والضمير الذي جعله يسعى ليقوم بدوره في محاربة المحتل، ولو فردا. ويزيد يزن أن الشهيد فراس هو واحد من ابناء البطل القائد محمد علي العجلوني، الذي حمل رقم واحد في الجيش العربي، وقام على تأسيسه، هو كان قائد الحرس الفيصلي وأبرز أبطال معركة ميسلون. وهو ما يفسره يزن في نهج فراس والأشقاء جميعا في التدرج بالسلك العسكري.
فكل أشقائه من زهير ومازن الذي كان نائب رئيس وزراء في حكومة وصفي التل ووزيرا للداخلية كانوا من ضباط الجيش العربي، باستثناء عصام الذي اختار العمل المدني وكان صاحب فكرة الضمان الاجتماعي في المملكة