الزرقاء, صباح الأثنين الخامس من حزيران من عام 1967 ولم يدخل على عطلتنا الصيفية سوى أربع ايام حين هبط وبشكل مفاجىء صمت ثقيل وترقب حين جاء إلينا زوج اختي يخبرنا أنها الحرب أفتحوا الراديو . فبدأ مؤشر الراديو المكون من شريط قماش داخلي وبلمبة صفراء صغيرة هنا صوت العرب من القاهرة بصوت أحمد سعيد وبدأت البيانات تتلى يغقبها أغاني وطنية من لبيك يا علم العروبة وصوت عبد الحليم يا أهلا بالمعارك وصوت فاديا كامل دع سمائي وقوميتي عروبتي وأغنية كارم محمود أمجاد يا عرب أمجاد وأغنية لا أعرف من يغنيها تقول أضرب اضرب . ونتحول إلى أذاعة عمان وتوفيق النمري مرحى لمدرعاتنا وشدينا ع الخير الضمر وواجب علينا واجب وصوت المطربة كروان يهدر ربع الكفاف الحمر اهل النخوة والنوماس حتى جاء البيان العسكري الأردني بأن قواتنا المسلحة قد احتلت جبل المبكر "وهو واقع لا خيال في بداية المعركة" وصوت توفيق النمري "كبر كبر يا مكبر أحتلينا جبل المكبر" . وهنا طلبت مني والدتي الذهاب للبقالة وأحضار 5 زرار من حبات النيلة ليتم طحنها وأضافة قليل من الماء لغايات تزريق الشبابيك بها درء للغارات الجوية فالزرقاء في مثل هذا اليوم أضبحت خلية نحل اناس فرحون بما يسمعون من اخبار والكل يفتح الراديوهات بصوت عالي فالجو حماسي وهنا يعدون عدد الطائرات التي تم أسقاطها وأن العودة حاصلة لا محال يوزعون الحلوى من ناشد وسلفانا وملبس حامض حلو ولي عم كلما سمع عن ارتفاع عدد الطائرات التي أسقطت يسحب مسدسه ويطلق طلقة بالهواء فرحاً بما سمع لنقوم نحن بالبحث عن الطلقة الفارغة . ولكن مع أقتراب المساء والتعتيم الأجباري وخلود الناس لبيوتهم مع شعور بالرهبة والخوف في أن واحد . فجاة إذ بصوت صفارات الأنذار تعلن غارة جوية لتتحول الزرقاء كتلة من اللهب بفعل المضادات الأرضية وبدأت الروايات عن اسقاط طائرتين للعدو وأن احد الرعاة قد أسر احد الطيارين ولكن مع أقتراب فجر اليوم التالي خلا الشارع من الناس وهبط صمت رهيب وثقيل وتشويش خاصة عندما بدأ الناس يسمعون لأخبار لندن "BBC" وأصبحت الأسئلة تتزاحم ماذا حدث حتى بانت الحقيقة المرة والتي جعلت الرجال يبكون وسيطرت رائحة اموت والهزيمة مترافقة بحزن قهار خاصة مع وصول النازحين الجدد إلى مدينة الزرقاء